كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



554- الحَدِيث الْحَادِي وَالثلاثون:
رُوِيَ بَيْنَمَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسير فِي غَزْوَة تَبُوك وَركب من الْمُنَافِقين يَسِيرُونَ بَين يَدَيْهِ فَقَالُوا انْظُرُوا إِلَى هَذَا الرجل يُرِيد أَن يفتح قُصُور الشَّام وحصونه هَيْهَات فَأطلع الله نبيه عَلَى ذَلِك فَقَالَ: «احْبِسُوا عَلّي الركب» فَأَتَاهُم فَقَالَ: «قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا» فَقَالُوا يَا نَبِي الله لَا وَالله مَا كُنَّا فِي شَيْء من أَمرك وَلَا من أَمر أَصْحَابك وَلَكِن كُنَّا فِي شَيْء مِمَّا يَخُوض فِيهِ الركب لِيقصرَ بَعْضنَا عَلَى بعض السّفر.
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى حَدثنَا مُحَمَّد بن ثَوْر عَن قَتَادَة فِي قَوْله تعالى: {وَلَئِن سَأَلتهمْ ليَقُولن إِنَّمَا كُنَّا نَخُوض وَنَلْعَب} قَالَ بَيْنَمَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... إِلَى آخِره وَذكره الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول عَن قَتَادَة من غير سَنَد.
555- الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ رَوَى أَبُو الدَّرْدَاء عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عدن دَار الله الَّتِي لم تَرَهَا عين وَلم يخْطر عَلَى قلب بشر لَا يسكنهَا غير ثَلَاثَة النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء يَقُول الله تَعَالَى طُوبَى لمن دَخلك».
قلت رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابه المؤتلف والمختلف من حَدِيث يَحْيَى بن عبد الله بن بكير حَدثنِي اللَّيْث بن سعد حَدثنِي زِيَادَة بن مُحَمَّد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ عَن فضَالة بن عبيد عَن أبي الدَّرْدَاء عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِن الله تبَارك وَتَعَالَى ينزل فِي ثَلَاث سَاعَات يبْقين من اللَّيْل ينزل في السَّاعَة الأولَى فَيفتح الذّكر الَّذِي لم يره غَيره فَيَمْحُو مَا يَشَاء وَيثبت ثمَّ ينزل السَّاعَة الثَّانِيَة الثَّانِيَة إِلَى جنَّة عدن وَهِي الَّتِي لم يرهَا غَيره وَلم يخْطر عَلَى قلب بشر لَا يسكنهَا مَعَه من بني آدم غير ثَلَاثَة النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء ثمَّ يَقُول طُوبَى لمن دَخلك ثمَّ ينزل فِي السَّاعَة الثَّالِثَة إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول أَلا من مُسْتَغْفِر فَأغْفِر لَهُ أَلا من سَائل فَأعْطِيه أَلا من دَاع فَأُجِيبَهُ حَتَّى يكون صَلَاة الْفجْر». انتهى. وَقَالَ لَا نعلمهُ يرْوَى عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَزِيَادَة بن مُحَمَّد لَا نعلم رَوَى عَنهُ غير اللَّيْث. انتهى.
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُوسَى بن سهل حَدثنَا آدم حَدثنَا اللَّيْث بن سعد حَدثنَا زِيَادَة بن مُحَمَّد بِهِ بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره عَن آدم بِهِ سَوَاء.
556- الحَدِيث الثَّالِث وَالثلاثون:
رُوِيَ أَن الله عَزَّ وَجَلَّ يَقُول لأهل الْجنَّة هَل رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لنا لَا نرضى وَقد أَعطيتنَا مَا لم تعط أحدا من خلقك فَيَقُول أَنا أُعْطِيكُم أفضل من ذَلِك قَالَ أحل عَلَيْكُم رِضْوَانِي فَلَا أَسخط عَلَيْكُم أبدا.
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَفِي أَطْرَاف خلف فِي صفة الْجنَّة وَلم أَجِدهُ وَفِي مُسلم فِي صفة الْقِيَامَة من حَدِيث عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِن الله يَقُول لأهل الْجنَّة يأهل الْجنَّة فَيَقُولُونَ لبيْك رَبنَا وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك فَيَقُول هَل رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لنا لَا نرضى يَا رب وَقد أَعطيتنَا مَا لم تعط أحدا من خلقك فَيَقُول أَلا أُعْطِيكُم أفضل من ذَلِك فَيَقُولُونَ يَا رب وَأي شَيْء أفضل من ذَلِك فَيَقُول أحل عَلَيْكُم رِضْوَانِي فَلَا أَسخط عَلَيْكُم بعده أبدا».. انتهى.
557- قوله:
عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله تعالى: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِم} قَالَ إِن لم يسْتَطع بِيَدِهِ فبلسانه فَإِن لم يسْتَطع فَلْيَكْفَهِر فِي وَجهه.
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ حَدثنَا ابْن وَكِيع حَدثنَا حميد بن عبد الرَّحْمَن وَيَحْيَى بن آدم عَن حسن بن صَالح عَن عَلّي بن الْأَقْمَر عَن عَمْرو بن أبي جُنْدُب عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله... إِلَى آخِره.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حَدِيث يَحْيَى بن آدم بِهِ.
558- الحَدِيث الرَّابِع وَالثلاثون:
رُوِيَ أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ فِي غَزْوَة تَبُوك شَهْرَيْن ينزل عَلَيْهِ الْقُرْآن وَيَعْتِبُ الْمُنَافِقين المتخلفين فَيسمع من مَعَه مِنْهُم وَمِنْهُم الْجلاس ابْن سُوَيْد وَالله إِن كَانَ مَا يَقُول حَقًا لإِخْوَانِنَا الَّذين خَلَّفْنَاهُمْ وهم سَادَاتنَا وَأَشْرَافنَا فَنحْن شَرّ من الْحمير فَقَالَ عَامر بن قيس الْأنْصَارِيّ لِلْجُلَّاسِ أجل وَالله إِن مُحَمَّدًا صَادِق وَأَنت شَرّ من الْحمار وَبلغ ذَلِك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَحْضرهُ فَحلف بِاللَّه مَا قَالَ فَرفع عَامر يَده فَقَالَ اللَّهُمَّ أنزل عَلَى عَبدك وَنَبِيك تَصْدِيق الصَّادِق وَتَكْذيب الْكَاذِب فَنزل يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا فَقَالَ الْجلاس يَا رَسُول الله لقد عرض الله عَلّي التَّوْبَة وَالله لقد قلته وَصدق عَامر فَتَابَ الْجلاس وَحسنت تَوْبَته.
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة تَبُوك عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر ومُوسَى بن عقبَة قَالَا لما أقبل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَافِلًا حَتَّى إِذا دنا من الْمَدِينَة تَلقاهُ عَامَّة الَّذين تخلفوا عَنهُ فَقَالَ لأَصْحَابه: «لَا تكلمُوا أحدا مِنْهُم وَلَا تُجَالِسُوهُمْ حَتَّى آذن لكم» وَكَانَ فِيمَن تخلف عَنهُ ثَلَاثَة نفر الَّذين ذكر الله فِي كِتَابه بِالتَّوْبَةِ كَعْب بن مَالك السّلمِيّ وهلال بن أُميَّة الوَاقِفِي ومرارة بن الرّبيع الْعمريّ.
إِلَى أَن قَالَ ثمَّ ذكر الله تَعَالَى الَّذين تخلفوا وَاعْتَذَرُوا بِالْبَاطِلِ فَقال: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} إِلَى قوله: {لِيَجْزِيَهُم الله أحسن مَا كَانُوا يعْملُونَ} وَذكر قبلهم من تخلف بِنفَاق فَقال: {فَرح الْمُخَلفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خلاف رَسُول الله} إِلَى قوله: {جَزَاء بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} ثمَّ ذكر أهل الْعذر مِمَّن تخلف فَقال: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلَا عَلَى الْمَرْضَى} إِلَى قوله: {وَالله غَفُور رَحِيم} وَآيَة بعْدهَا وَذكر من لَا عذر لَهُ مِمَّن تخلف فَقال: {إِنَّمَا السَّبِيل عَلَى الَّذين يَسْتَأْذِنُونَك وهم أَغْنِيَاء رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِف} وَأَرْبع آيَات يتبع بَعْضهَا بَعْضًا وَقَالَ الْجلاس بن سُوَيْد حِين سمع مَا أنزل الله تَعَالَى فِي الْمُخلفين وَالله إِن كَانَ مُحَمَّد صَادِقا لنَحْنُ شَرّ من الْحمير فَقَالَ لَهُ عَامر بن قيس الْأنْصَارِيّ وَهُوَ ابْن عَمه وَالله إِن مُحَمَّدًا لصَادِق وَلَأَنْتُمْ شَرّ من الْحمير وَيلك تخلفت عَن رَسُول الله وَنَافَقَتْ وَانْطَلق عَامر فَأخْبر رَسُول الله بِمَا قَالَ الْجلاس فَأرْسل إِلَيْهِ فَحلف بِاللَّه مَا تكلم بِهِ فَقَالَ عَامر اللَّهُمَّ أنزل عَلَى رَسُولك بَيَان شَأْننَا فَأنْزل الله: {يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا وَلَقَد قَالُوا} إِلَى قوله: {من ولي وَلَا نصير} وَتَابَ الْجلاس مِمَّا قَالَ واعترف بِذَنبِهِ مُخْتَصر.
وَذكره ابْن هِشَام فِي السِّيرَة من قَول ابْن إِسْحَاق فِي كَلَام طَوِيل وَفِي آخِره قَالَ ابْن إِسْحَاق وَزَعَمُوا أَنه تَابَ وَحسنت تَوْبَته.
وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات أخبرنَا عَارِم بن الْفضل حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه... فَذكره.
أخبرنَا ابْن جريح عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ كَانَت أم عُمَيْر بن سعيد عِنْد الْجلاس بن سُوَيْد فَقَالَ الْجلاس فِي غَزْوَة تَبُوك إِن كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًا فَنحْن شَرّ من الْحمير... إِلَى آخر لفظ الْبَيْهَقِيّ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من قَول عُرْوَة وَفِي آخِره إِنَّه تَابَ وَحسنت تَوْبَته.
وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ فِي تفسيريهما من قَول الْكَلْبِيّ بِلَفْظ المُصَنّف وَسَنَدهمَا إِلَيْهِ فِي أول كِتَابَيْهِمَا.
559- الحَدِيث الْخَامِس وَالثلاثون:
رُوِيَ أَن جمَاعَة من الْمُنَافِقين هموا بِالْفَتْكِ برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد مرجعه من غَزْوَة تَبُوك وَذَلِكَ أَنه تواثق مِنْهُم خَمْسَة عشر عَلَى أَن يَدْفَعُوهُ عَن رَاحِلَته إِلَى الْوَادي إِذا تُسنم الْعقبَة بِاللَّيْلِ فَأخذ عمار بن يَاسر بِخِطَام رَاحِلَته يَقُودهَا وَحُذَيْفَة خلفهَا يَسُوقهَا فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ سمع حُذَيْفَة بِوَقع أَخْفَاف الْإِبِل وَقَعْقَعَة السِّلَاح فَالْتَفت فَإِذا قوم مُتَلَثِّمُونَ فَقَالَ إِلَيْكُم يَا أَعدَاء الله فَهَرَبُوا.
قلت رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده حَدثنَا يزِيد بن هَارُون أَنا الْوَلِيد بن عبد الله بن جَمِيع عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ لما أقبل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غَزْوَة تَبُوك أَمر مناديا فَنَادَى لَا يَأْخُذن الْعقبَة أحد فَإِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذهَا وَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسير وَحُذَيْفَة يَقُودهُ وعمار بن يَاسر يَسُوقهُ فَأقبل رَهْط مُتَلَثِّمِينَ عَلَى الرَّوَاحِل حَتَّى غشوا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرجع عمار فَضرب وُجُوه الرَّوَاحِل فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ لِحُذَيْفَة: «قد قد» فَلحقه عمار فَقَالَ: «سُقْ سُقْ» حَتَّى أَنَاخَ فَقَالَ لعمَّار: «هَل تعرف الْقَوْم» فَقَالَ لَا كَانُوا مُتَلَثِّمِينَ وَقد عرفت عَامَّة الرَّوَاحِل فَقَالَ: «أَتَدْرِي مَا أَرَادوا برَسُول الله» قلت الله وَرَسُوله أعلم قلت أَرَادوا أَن يَمْكُرُوا برَسُول الله فَيَطْرَحُوهُ من الْعقبَة فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك نزع بَين عمار وَبَين رجل مِنْهُم شَيْء مِمَّا يكون بَين النَّاس فَقَالَ أنْشدك الله كم أَصْحَاب الْعقبَة الَّذين أَرَادوا أَن يَمْكُرُوا برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ نرَى أَنهم أَرْبَعَة عشر فَإِن كنت فيهم فهم خَمْسَة عشر. انتهى.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه عَن عبيد الله بن مُوسَى حَدثنَا الْوَلِيد بن جَمِيع بِهِ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الْأَعْمَش عَن عَمْرو بن مرّة عَن أبي البخْترِي عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ كنت آخِذا.
لخطام نَاقَة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُود بِهِ وعمار بن يَاسر يَسُوق النَّاقة حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْعقبَةِ فَإِذا بِاثْنَيْ عشر رَاكِبًا قد اعْتَرَضُوهُ فِيهَا قَالَ فَأَنْبَهْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهم فَصَرَخَ بهم فَوَلوا مُدبرين فَقَالَ لنا: «هَل عَرَفْتُمْ الْقَوْم» قُلْنَا لَا يَا رَسُول الله كَانُوا مُتَلَثِّمِينَ وَلَكنَّا عرفنَا الركاب قَالَ: «هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة هَل عَرَفْتُمْ مَا أَرَادوا» قُلْنَا لَا قَالَ: «أَرَادوا أَن أَن يَرْجُمُوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعقبَة فَيُلْقُوهُ بهَا» قَالُوا يَا رَسُول الله أَلا تبْعَث إِلَى عَشَائِرهمْ فيبعث كل قوم بِرَأْس صَاحبهمْ قَالَ: «لَا إِنِّي أكره أَن يتحدث الْعَرَب أَن مُحَمَّدًا قَاتل بِقوم حَتَّى إِذا ظَهره بهم أقبل عَلَيْهِم بِقَتْلِهِم» ثمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اِرْمِهِمْ بِالدُّبَيْلَةِ» قيل يَا رَسُول الله وَمَا الدُّبَيْلَة قَالَ: «شهَاب من نَار يَقع عَلَى نِيَاط قلب أحدهم فَيهْلك».
رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من حَدِيث مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن الْوَلِيد بن جَمِيع عَن أبي الطُّفَيْل عَن حُذَيْفَة قَالَ لما كَانَ غَزْوَة تَبُوك أَمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مناديا... إِلَى آخِره ثمَّ قَالَ وَقد رُوِيَ عَن حُذَيْفَة من غير هَذَا الْوَجْه وَهَذَا الْوَجْه أحْسنهَا اتِّصَالًا وَأَصْلَحهَا إِسْنَادًا والوليد بن جَمِيع كَانَت فِيهِ شِيعِيَّة شَدِيدَة وَقد احْتمل أهل الْعلم حَدِيثه وَحَدثُوا عَنهُ. انتهى..
560- الحَدِيث السَّادِس وَالثلاثون:
رُوِيَ أَن ثَعْلَبَة بن حَاطِب قَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا فَقَالَ: «يَا ثَعْلَبَة قَلِيل يُؤدى شكره خير من كثير لَا تُطِيقهُ».
فَرَاجعه فَقَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَئِن رَزَقَنِي الله مَالا لَأُعْطيَن كل ذِي حق حَقه فَدَعَا لَهُ فَاتخذ غنما فَنمت كَمَا يَنْمُو الدُّود حَتَّى ضَاقَتْ بِالْمَدِينَةِ فَنزل وَاديا وَانْقطع عَن الْجَمَاعَة وَالْجُمُعَة فَسَأَلَ عَنهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقيل كثر مَاله حَتَّى لَا يَسعهُ وَاد فَقَالَ: «يَا وَيْح ثَعْلَبَة» فَبعث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصدقين لأجل الصَّدقَات فَاسْتَقْبَلَهُمَا النَّاس بِصَدَقَاتِهِمْ وَمَرا بِثَعْلَبَة فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَة وَأَقْرَآهُ كتاب رَسُول الله الَّذِي فِيهِ الْفَرَائِض.
فَقَالَ مَا هَذِه إِلَّا جِزْيَة مَا هَذِه إِلَّا أُخْت الْجِزْيَة وَقَالَ ارْجِعَا حَتَّى أرَى رَأْيِي فَلَمَّا رجعا قَالَ لَهما رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أَن يُكَلِّمَاهُ: «يَا وَيْح ثَعْلَبَة».
مرَّتَيْنِ فَنزلت فجَاء ثَعْلَبَة بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ: «إِن الله مَنَعَنِي أَن أقبل مِنْك» فَجعل التُّرَاب عَلَى رَأسه فَقَالَ: «هَذَا عَمَلك فقد أَمرتك فَلم تُطِعْنِي».
فَقبض عَلَيْهِ السَّلَام فجَاء بهَا إِلَى أبي بكر الصّديق فَلم يقبلهَا وَجَاء بهَا إِلَى عمر فِي خِلَافَته فَلم يقبلهَا وَهلك فِي زمَان عُثْمَان.
قلت رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ وَفِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب غَزْوَة تَبُوك من حَدِيث معَاذ بن رِفَاعَة عَن عَلّي بن يزِيد عَن الْقَاسِم بن معَان أبي عبد الرَّحْمَن مولَى عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن مُعَاوِيَة عَن أبي أُمَامَة أَن ثَعْلَبَة بن حَاطِب الْأنْصَارِيّ أَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا قَالَ: «وَيحك يَا ثَعْلَبَة قَلِيل يُؤدى شكره خير من كثير لَا تُطِيقهُ» ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك قَالَ: «يَا ثَعْلَبَة أما تُرِيدُ أَن تكون مثل رَسُول الله وَالله لَو سَأَلت الله أَن يسير لي الْجَبَل ذَهَبا وَفِضة لَسَارَتْ» ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك ثمَّ قَالَ وَالله لَئِن آتَانِي الله مَالا لَأُوتَيَنَّ كل ذِي حق حَقه فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْ ثَعْلَبَة مَالا» قَالَهَا ثَلَاثًا قَالَ فَاتخذ غنما فَنمت كَمَا يَنْمُو الدُّود حَتَّى ضَاقَتْ بهَا أَزِقَّة الْمَدِينَة فَتنَحَّى بهَا وَكَانَ يشْهد الصَّلَاة مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ يخرج إِلَيْهَا ثمَّ نمت حَتَّى تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ مرَاعِي الْمَدِينَة فَتنَحَّى بهَا فَكَانَ يشْهد الْجُمُعَة مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ يخرج إِلَيْهَا ثمَّ نمت فَتنَحَّى بهَا فَترك الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات فَكَانَ يتَلَقَّى الركْبَان وَيَقُول لَهُم مَا عنْدكُمْ من الْخَبَر وَمَا كَانَ من أَمر النَّاس وَأنزل الله تَعَالَى: {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة} الْآيَة قَالَ فَاسْتعْمل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّدقَات رجلَيْنِ رجل من الْأَنْصَار وَرجل من بني سليم وَكتب لَهُم سنة الصَّدَقَة وَأَسْنَانهَا فَاسْتَقْبلهَا النَّاس بِصَدَقَاتِهِمْ وَمَرا بِثَعْلَبَة فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَة وَأَقْرَآهُ كتاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَالله مَا هَذِه إِلَّا أُخْت الْجِزْيَة انْطَلقَا حَتَّى أرَى رَأْيِي فَانْطَلقَا حَتَّى لَحقا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأنْزل الله تَعَالَى عَلَى رَسُوله: {وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله} إِلَى قوله: {يكذبُون} قَالَ فَركب رجل من الْأَنْصَار قريب لِثَعْلَبَةَ رَاحِلَته حَتَّى أَتَى ثَعْلَبَة فَقَالَ وَيحك يَا ثَعْلَبَة هَلَكت أنزل الله فِيك من الْقُرْآن كَذَا فَأقبل ثَعْلَبَة وَقد وضع التُّرَاب عَلَى رَأسه وَهُوَ يبكي وَيَقُول يَا رَسُول الله يَا رَسُول الله فَلم يقبل مِنْهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صدقته حَتَّى قبض الله رَسُوله ثمَّ أَتَى أَبَا بكر بعد رَسُول الله فَأَبَى أَن يقبل مِنْهُ ثمَّ أَتَى عمر فَأَبَى أَن يقبل مِنْهُ ثمَّ أَتَى عُثْمَان فَأَبَى أَن يقبل مِنْهُ ثمَّ مَاتَ فِي خلَافَة عُثْمَان. انتهى.
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم والثعلبي ثمَّ الْبَغَوِيّ فِي تفاسيرهم والواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول لَهُ.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَفِي إِسْنَاده نظر قَالَ وَهُوَ مَشْهُور بَين أهل التَّفْسِير قَالَ وَكَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرف نفَاقه قَدِيما ثمَّ زِيَادَته حَدِيثا وَمَوته عَلَيْهِ بِمَا أنزل الله عَلَيْهِ من الْآيَة فَلم يَأْخُذهَا مِنْهُ. انتهى كَلَامه.
وَأعله السُّهيْلي فِي الرَّوْض الْأنف وَقَالَ قَالَ البُخَارِيّ عَلّي بن يزِيد أَبُو عبد الْملك مُنكر الحَدِيث قَالَ السُّهيْلي وَقد عده ابْن إِسْحَاق فِي الْمُنَافِقين وَذكر هَذِه الْآيَة الَّتِي نزلت فِي أَعنِي ثَعْلَبَة بن حَاطِب لكنه ذكر فِي الْبَدْرِيِّينَ ثَعْلَبَة بن حَاطِب وَلم ينْسبهُ فَلَعَلَّهُ رجل آخر وَافق اسْمه وَإِن كَانَ هُوَ فَذكره فِي الْبَدْرِيِّينَ وهم وَالْمُنَافِق هُوَ ثَعْلَبَة بن حَاطِب بن عَمْرو بن عبيد بن أُميَّة بن زيد بن مَالك بن عَمْرو بن عَوْف بن مَالك بن الْأَوْس. انتهى. كَلَامه.
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط.